﴿وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ فصار ذلك مثل: ما ضرب من رجل ولا امرأة.
الوجه الثاني: أن يكون صفة للنكرة، وقوله: ﴿وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ صفة معطوفة على صفة، وإذا كان كذلك احتمل موضع قوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ ضربين: أحدهما: أن يكون جرًا على لفظ قوله: ﴿مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ والآخر: أن يكون رفعًا على موضع ﴿مِنْ مُصِيبَةٍ﴾.
فإن قلتَ: فما وجه دخول (لا) في قوله: ﴿وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ وليس الكلام على هذا التأويل بنفي؟ فالقول فيه: أنه لما كان معطوفًا على ما هو منفي في المعنى وإن لم يكن منفيًا في اللفظ جاز أن يحمل الكلام على المعنى فيدخل فيه لا؛ لأن قوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ صفة لمنفي (١) فأجريته مجرى المنفي فاستجزت العطف عليه بلا، والحمل على المعنى في النفي قد جاء في غير شيء من كلامهم ألا ترى أنهم قد قالوا: إن أحدًا لا يقول إلا زيد لما كان في المعنى منفيًا. وإن شئت قلت: إن (لا) زائدة وقد ذكرنا زيادتها في غير موضع (٢).
قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ قال ابن عباس: من قبل أن أخلق خلقي (٣).
وقال الكلبي والمقاتلان: من قبل أن أخلق الأنفس (٤). وعلى هذا
(٢) انظر: "الدر المصون" ١/ ٢٥١.
(٣) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٣٧، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣١٣، و"فتح القدير" ٥/ ١٧٦، ولم ينسب القول لقائل.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٦٣، و"تفسير مقاتل" ١٤٢ أ.