ولا تفرحوا فرحًا شديدًا تأثروا فيه وتبطروا، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ فدل بهذا أنه ذم الفرح الذي يختال فيه صاحبه ويبطر، فأما الفرح بنعمة الله والشكر عليها فغير مذموم (١). وهذا كله معنى ما روى عكرمة عن ابن عباس: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا للمصيبة صبرًا وللخير شكرًا (٢).
٢٤ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ هذه الآية مستأنفة لا تتعلق بما قبلها لأنها في صفة اليهود الذين كتموا صفة محمد عليه السلام وبخلوا ببيان فعته، قاله ابن عباس في رواية عطاء والكلبي ومقاتل (٣)، والآية مفسرة في سورة النساء (٤). و (الذين) ابتداء وخبره محذوف دل عليه قوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ على تقدير الذين يبخلون الله غني عنهم (٥).
قال ابن عباس: ومن يتول عن الإيمان فإن الله غني عن عبادته، حميد إلى أوليائه (٦).
وقال مقاتل: يعني بخل اليهود حين بخلوا بالزكاة والنفقة في سبيل الله. يقول الله غني عما عندهم حميد عند خلقه (٧).
(٢) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ١٣٦، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٣٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣١٤.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٦٣، و"تفسير مقاتل" ١٤٢ أ، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٤.
(٤) عند تفسيره الآية (٣٧) من سورة النساء.
(٥) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٦٧، و"مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٧١٩.
(٦) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٦٣، و"الوسيط" ٤/ ٢٥٣.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٢ أ.