نِسَائِهِمْ} يريد في الجاهلية ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ في الإسلام يعودون لما كانوا يقولونه من هذا الكلام (١) ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ م﴾ وهذا القول هو اختيار صاحب النظم، وشرحه فقال: المعنى: والذين كانوا يظاهرون من نسائهم قبل الإسلام ثم يعودون في الإسلام لمثل هذا القول فيظاهرون من نسائهم. ثم ذكر ما أوجب في ذلك في الإسلام من الحكم، والعرب تضمر كان كقوله: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ [البقرة: ١٠٢] أي: ما كانت تتلو الشياطين فأضمر كانت (٢).
قوله تعالى ﴿لِمَا قَالُوا﴾ قال الأخفش: لما قالوا، وإلى ما قالوا واحد، يقال: عدت إلى ذاك، وعدت لذاك (٣)، قال أبو علي: إلى واللام يتعاقبان (٤) كقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا﴾ [الأعراف: ٤٣] وقال: ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٣] وقال: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ [الزلزلة: ٥]. وقال: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ﴾ [هود: ٣٦].
قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ قالوا أراد رقبة مؤمنة؛ لأنه قيد في كفارة
(٢) وبه قال الثوري -رحمه الله- ذكره الرازي في "تفسيره" ٢٩/ ٢٥٧، ثم قال: وهذا القول ضعيف، لأنه تعالى ذكر الظهار، وذكر العود بعده بكلمة (ثم) وهذا يقتضي أن يكون المراد من العود شيئًا غير الظهار، فإن قالوا: المراد والذين كانوا يظاهرون من نسائهم قبل الإسلام والعرب تضمر لفظ كاند.. قلنا: الإضمار خلاف الأصل. وانظر: "غرائب القرآن" ٢٨/ ١٣.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٣٩، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٧٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٨٢، وليس في "معاني القرآن" للأخفش.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٥٦، و"غرائب القرآن" ٢٨/ ١١.