الآية. قال مقاتل بن حيان: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصفة وفي المكان ضيق وذلك يوم الجمعة، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء أناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتظرون أن يوسع لهم فعرف ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم، وشق ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لمن حوله من غير أهل بدر: قم يا فلان، قم يا فلان، وأنت يا فلان. فلم يزل يقيم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه، وشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف الكراهية في وجوههم وطعن في ذلك المنافقون، وقالوا: والله ما عدل على هؤلاء، إن قومًا أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه، فأنزلت هذه الآية يوم الجمعة (١).
قوله: ﴿تَفَسَّحُوا﴾ قال أبو عبيدة: توسعوا (٢).
وقال الليث: الرجل يفسح لأخيه في المجلس فسحًا إذا وسع له، والقوم يتفسحون إذا مَكَّنُوا، والفساحة السعة. يقال: بلد فسيح ومفازة فسيحة، ولك فيه فسحة، أي: سعة، هذا كلامه (٣).
والمستعمل من هذا الحرف أربعة أوجه. فسح يفسح فسحًا إذا وسع في المجلس. يقال: أفسح لي، أي: وسّع، وفسح يفسح فساحة إذا صار واسعًا، ومكان فسيح وتفسح إذا توسع، ومثله تفاسح (٤) وبه قرأ الحسن.

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٥ ب، و"الكشف والبيان" ١٢/ ٨٠ أ، ونسبه للمقاتلين، و"أسباب النزول" للواحدي ٤٧٥.
(٢) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٢٥.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٢٧ (فسح).
(٤) انظر: "اللسان" ٢/ ١٠٩٤ (فسح). وقد قرأ الحسن؛ وقتادة، وعيسى وداود بن أبي هند (تَّفَاسَحُوا) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤١، و"الجامع" ١٧/ ٢٩٧، و"البحر المحيط" ٨/ ٢٣٦.


الصفحة التالية
Icon