هذه الصدقة بشيء. وشاور النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقديرها عليًّا؟ قال: قال لي: كم ترى؟ ديناراً. قلت: لا يطيقونه. قال: كم؟ قلت: حبة أو شعيرة، قال: إنك لزهيد، فنزلت آية النسخ (١).
قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يعني للفقراء، وهذا يدل علي أن من لم يجد ما يتصدق به كان معفوًّا عنه.
وأجمعوا على أن هذه الآية منسوخة الحكم بقوله: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ قال ابن عباس: أبخلتم (٢)، وقال مقاتل: أشق عليكم (٣)، والمعنى: أخفتم العيلة أن قدمتم بين يدي نجواكم صدقات، وهذا خطاب للأغنياء، لأن من لم يجد لا يقال له هذا.
ونسخت الزكاة الصدقة التي كانت عند المناجاة، وهو قوله تعالى: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (٤).

(١) أخرجه الترمذي في "سننه"، كتاب: التفسير، سورة المجادلة، وحسنه، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٥، و"نواسخ القرآن" ص ٢٣٥.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣١١، و"الجامع" ١٧/ ٣٣.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٦ أ، و "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٦٠، و"جامع البيان" ٢٨/ ١٦، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٨٠، ونسبوه لمجاهد.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٦ أ، و"نواسخ القرآن" ص ٢٣٦، ونسبه لابن عباس، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤٢.
قلت: مراد المؤلف -رحمه الله- من نسخ صدقة المناجاة بالزكاة أي أن قوله تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ الآية بكاملها نسخت الآية السابقة عليها، فعاد المسلمون إلى مناجاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير تقديم شيء، وهو المجمع عليه من المفسرين -رحمه الله- والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon