قوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ أي قضى الله ذلك قضاءً ثابتًا.
قال أبو إسحاق: ومعنى غلبة الرسل على نوعين: من بعث منهم بالحرب غالب في الحرب، ومن بعث منهم بغير حرب فهو غالب بالحجة (١).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ أي مانع حزبه من أن يذل.
وقال مقاتل: إن المسلمين قالوا: إنا لنرجو أن يظهرنا الله على فارس والروم، فقال عبد الله بن أُبي: أتظنون أن فارس والروم كبعض القرى التي غلبتموهم؟ كلا والله لهم أكثر جمعًا وعدة، فأنزل الله هذه الآية (٢).
٢٢ - قوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الأكثرون على أن هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وإخباره أهل مكة بمسير النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم لما أراد فتح مكة، وتلك القصة معروفة (٣)، وهذا قول مقاتل واختيار الفراء (٤)، والزجاج. قال: أعلم الله عز وجل أن إيمان المؤمنين يفسد بمودة الكفار، وأن من كان مؤمنًا لا يوالي من كفر، وإن كان أباه أو ابنه أو أحدًا من عشيرته (٥).
وروى عطاء عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في أبي عبيدة (٦)، قتل
(٢) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٨٣ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٧٦، و"الجامع" ١٧/ ٣٠٦.
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٨٤ أ، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٧٧.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٦ ب، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤٢.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٤١.
(٦) هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح، أمين هذه الأمة، وأحد المبشرين =