وجهًا، يخربون من التخريب، فإنما هوالأصل على خرب المنزل، وأخربه صاحبه كقولك: علم وأعلمه، وقام وأقامه، وإذا قلت يخربون من التخريب فإنما هو تكثير، لأنه ذكر بيوتًا تصلح للقليل والكثير (١)، وزعم سيبويه أنها تتعاقبان في بعض الكلام فيجري كل واحد مجرى الآخر نحو فرحته وأفرحته، وأحسنه الله وحسنه، وقال الأعشى:
وأخربت من أرض قومي ديارًا (٢)
وقال الفراء: (يخرِّبون) بالتشديد، يهدمون، وبالتخفيف يخرجون منها ويتركونها، ألا ترى أنهم كانوا ينقبون الدار فيعطلونها، فهذا معنى يخربون (٣).
قوله تعالى: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ قال ابن عباس: يريد يا أهل اللب والعقل والبصائر (٤)، وقال مقاتل: يعني يا أهل البصيرة في أمر الله (٥).
قال الفراء: ويقال يا أولي الأبصار: يا من عاين ذلك بعينه (٦).
ومعنى الاعتبار: النظر في أوائل الأمور وأواخرها وتدبرها ليعرف بالنظر فيها شيئًا آخر من جنسها (٧)، والمعنى: تدبروا وانظروا فيما نزل بهم

(١) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٨.
(٢) "ديوان الأعشى" ص ٨٤، و"الخزانة" ٥/ ٧٢، وصدره:
أقللْتَ قوْمًا وأعمرتهم
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤٣.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩، ٢٨٢.
(٥) "تفسير مقاتل" ١٤٧ أ.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٤٣.
(٧) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٨٢.


الصفحة التالية
Icon