المفسرون: حسدًا وحزازة وغيظًا مما أوتي المهاجرون دونهم (١)، وكل ما يجده الإنسان في صدره مما يحتاج إلى إزالته وشق عليه وجوده فهو حاجة.
قوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ يقال: آثرتك إيثارًا، أي: فضلتك، وآثره بكذا إذا خصه به وفضله من بين الناس (٢)، ومفعول الإيثار محذوف والتقدير: ويؤثرونهم على أنفسهم، قال المفسرون: أي بأموالهم ومنازلهم، وذلك أنهم أشركوا المهاجرين في رباعهم وأموالهم وواسوهم بها (٣).
وقال الكلبي، عن ابن عباس: هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للأنصار: "إن شئتم قسمتم لهم من دوركم وأموالكم، وقسمت لكم من الفيء كما قسمت لهم، وإن شئتم كان لهم القسم ولكم دياركم وأموالكم". فقالوا: لا. بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم في القسم، فأنزل الله ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ (٤)، فبين أن هذا الإيثار ليس عن غنى من المال، ولكنه عن حاجة وخصاصة، وهي الفقر، وذو الخصاصة ذو الخلة، وأصلها من الخصاص، وهي الفرج، وكل خلل أو خرق يكون في

(١) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٢٨، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٤ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣١٩، و"زاد المسير" ٨/ ٢١٢.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة"، ١٥/ ١٢٢ (أثر)، و"اللسان" ١/ ٢٠ (أثر).
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٤ أ، و"معالم التزيل" ٤/ ٣١٩.
(٤) ذكره الثعلبي بغير سند. انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٥ ب، و"معالم التزيل" ٤/ ٤٢٠، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٨٧، ورواه الواقدي عن معمر، عن الزهري، عن خارجة بن زيج، عن أم العلاء قالت: وذكر نحوه. "تخريجات الكشاف" ص ١٦، ١٦٧.


الصفحة التالية
Icon