وقال مقاتل: حرص نفسه (١)، وقال ابن زيد: من لم يأخذ شيئًا نهاه الله عنه ولم يمنع شيئًا أمره الله بأدائه فقد وُقي شح نفسه (٢).
قال المفسرون: يعني أن الأنصار ممن وقي شح نفسه حين طابت أنفسهم عن الفيء (٣).
١٠ - قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ يعني التابعين وهم الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة.
ثم ذكر أنهم يدعون لأنفسهم بالمغفرة ولمن سبقهم بالإيمان بقوله: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي غشًا وحسداً وبغضًا (٤)، فكل من لم يترحم على جميع أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وكان في قلبه غل على أحد منهم فإنه ليس ممن عناه بهذه الآية، ولهذا قال المتقدمون من العلماء: رتب الله تعالى المؤمنين على ثلاثة منازل: المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجًا من أقسام المؤمنين.
هذا الذي ذكرناه في هذه الآية من أنها نزلت في التابعين قول جماعة المفسرين (٥).

(١) "تفسير مقاتل": ١٤٨ أ.
(٢) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٣٠، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٦ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢.
(٣) وهو المذكور في سبب النزول، عن ابن عباس، وتقدم.
(٤) الغِلُّ والغَليِلُ: الغِشُّ والعَداوة والضَّعْنُ والحقْد والحسد. "اللسان" ٢/ ١٠٠٨ (غلل).
(٥) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٦ - ٩٧، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٢٠، و"زاد المسير" ٨/ ٢١٦، و"البحر المحيط" ٨/ ٢٤٧، ونسبه للجمهور.


الصفحة التالية
Icon