فقرأها ثم قرأ ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ ثم قال: استوعبت هذه الآية المسلمين عامة، فليس أحد إلا له فيها حق (١).
وروى عن مالك بن أنس أنه قال: من تنقص أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو كان في قلبه عليه غل فليس له حق في فيء المسلمين، ثم تلا هذه الآيات. قال: وهذا نص في الكتاب بين (٢).
وقال المقاتلان: قوله: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ﴾ ابتدأ كلام في الثناء على الأنصار ثم حين طالت أنفسهم عن الفيء جعل للمهاجرين دونهم، وعلى قولهما: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو﴾ ابتداء، وخبره ﴿يُحِبُّونَ﴾ وكذلك ما بعده (٣). والأكثرون على القول الأول، وهو أن الله تعالى جعل الفيء لجميع أقسام المسلمين الثلاثة، وهو مما ذكرنا أن الفيء بعد زمان رسول الله يصرف إلى مصالح المسلمين عامة.
ثم أنزل فيما دس المنافقون إلى اليهود أنا معكم في النصر والخروج.
١١ - قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا﴾ (٤) قال المقاتلان: يعني عبد الله بن أبي، وعبد الله بن نبتل، ورفاعة بن زيد، كانوا من الأنصار
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٩٩، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب، ٩٨ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٢١، و"زاد المسير" ٨/ ٢١٦.
(٣) انظر: "البحر المحيط" ٨/ ٢٤٧.
(٤) أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: قد أسلم ناس من أهل قريظة والنضير، وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير: لئن أخرجتم لنخرجن معكم، فنزلت فيهم هذه الآية... "الدر" ٦/ ١٩٩.