وذهب المقاتلان، ومجاهد في رواية خصيف إلى أن هذا من صفة المنافقين واليهود، قالوا في قوله: ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ﴾ يعني المنافقين واليهود (١) ﴿جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ﴾ مختلفة.
ثم بين سبب ذلك الاختلاف فقال ﴿ذَلِكَ﴾ أي ذلك التشتت ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ ما فيه الحظ لهم، ثم ضرب لليهود مثلاً:
١٥ - قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا﴾ والمعنى: مثلهم كمثل الذين من قبلهم، فحذف أحد المثلين، والمراد بالذين من قبلهم كفار مكة الذين قتلوا ببدر (٢)، وكان ذلك قبل غزوة بني النضير بستة أشهر (٣). وهو قوله: ﴿قَرِيبًا﴾، والمعنى: تقدموا قريبًا، لأن قوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يدل على التقدم وعلى هذا تم الكلام (٤).
ثم قال ﴿ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ قال مقاتل: يعني جزاء ذنبهم، وهو القتل ببدر (٥)، ويجوز أن يكون معنى القرب إلى ذوق العذاب فيكون تمام الكلام عند قوله: ﴿وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يعني في الآخرة.
(٢) قال مجاهد ومقاتل: وقال ابن عباس: هم بنو قينقاع، وقيل: مثل قريظة كمثل بني النضير. انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٦٥، و"تفسير مقاتل" ١٤٥ أ، و"جامع البيان" ٢٨/ ٣٢، و"الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب. قال النحاس: اختلف أهل التأويل في الذين من قبلهم، هاهنا، فقال ابن عباس: هم بنو قينقاع، وقال مجاهد: هم أهل بدر، والصواب أن يقال في هذا: إن الآية عامة، وهؤلاء جميعًا ممن كان قبلهم. "إعراب القرآن" ٣/ ٤٠٢.
(٣) وهو قول الزهري رحمه الله.
(٤) وبه قال الأخفش، انظر: "القطع والارتفاق" ص ٧١٨، و"المكتفى" ص ٥٦٢.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٨ ب.