أحدهما: أن المؤمن في صفة الله تعالى معناه الذي آمن أولياءه عذابه (١)، يقال: آمنه يؤمنه فهو مؤمن، ومنه قوله:

والمؤمنِ العائذاتِ الطَّيرَ يَمْسَحُها رُكْبانُ مكة بين الغيل والسَّند (٢)
حلف بالله الذي آمن طير مكة فلا ينفر عن أن يمسحها الركبان، وهذا من الإيمان الذي هو ضد التخويف.
قال الكلبي: المؤمن الذي لا يخاف ظلمه (٣).
وقال مقاتل: هو الذي يؤمن أولياءه (٤).
القول الثاني: أن معنى المؤمن في صفته تعالى: المصدق (٥) على معنى أنه يصدق أنبياءه بإظهار المعجزة لهم، ويصدق المؤمنين إذا وحدوه. وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء (٦). وذكرنا الإيمان بمعنى التصديق في مواضع.
قال ابن الأنباري: سمعت أحمد بن يحيى يقول: المؤمن عند العرب المصدق (٧)، فذهب إلى أن الله تعالى مصدق عباده المسلمين يوم القيامة،
(١) وهو المروي عن ابن عباس، وابن جريج، وزيد بن علي. انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ٤٧، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٠٢ ب، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٤٣.
(٢) البيت للنابغة الذبياني. انظر: "ديوانه" ٢٥، و"الخزانة" ٢/ ٣١٥، و"شرح المفصل" ٣/ ١١، ومعنى العائذات: التي عاذت بالحرم، والغيل، الشجر الملتف، ورواية "الديوان" (نسعد) بدل "السند"، و"الأسماء والصفات" للبيهقي ١/ ١٦٥ - ١٦٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٥٠، ذكر نحوه ولم ينسبه.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل": ١٥٠ أ.
(٥) (ك): (المتصدق).
(٦) ذكره المفسرون عن الضحاك، وابن زيد. وانظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٣٦، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٠٢ ب، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٤٣.
(٧) في (ك): (المتصدق). وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس" ٣/ ٤٠٧، و"اللسان" ١/ ١٠٨ (أمن).


الصفحة التالية
Icon