وأولادهم لا ينفعونهم شيئاً، والمعنى على هذا (ذوو أرحامكم) يعني القرابات.
قال المفسرون: يقول لا يدعونكم قراباتكم وأولادكم التي بمكة إلى خيانة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين فلن ينفعكم أولئك الذين عصيتم الله لأجلهم ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ﴾ الله ﴿بَيْنَكُمْ﴾ فيدخل أهل طاعته والإيمان به الجنة، وأهل معصيته والكفر به النار.
وقوله: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يجوز أن يكون ظرفاً لقوله: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ﴾ ويجوز أن يكون ظرفاً ليفصل في قوله: ﴿يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾ (١) أي الله تعالى. ودل على اسم الله قوله: ﴿وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ﴾، وهذه قراءة عاصم. وقرأ ابن كثير (يُفصَل) بضم الياء وفتح الصاد مخففة، والمعنى راجع إلى الله تعالى، لأنه وإن لم يسم فاعله معروف أنه يفصل، وهو خير الفاصلين، كما أن قوله: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء: ٣٧] معناه: خلق الله الإنسان وقرئ (٢) من التفصيل بالوجهين اللذين ذكرناهما في الفصل وهو يقتضي تكثير هذا الفعل (٣).
قوله: ﴿بَيْنَكُمْ﴾ ظرف على معنى الذي بينكم كقوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ

(١) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٤١٢ - ٤١٣، و"مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٧٢٨
(٢) في (ك): (وقرئ من) والصواب: وقرئ (يُفَصّل).
(٣) قرأ عاصم، ويعقوب (يَفْصِلُ) بفتح الياء وكسر الصاد مخففة مع إسكان الفاء. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر (يُفْصَلُ) بضم الياء وفتح الصاد مع إسكان الفاء وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف (يُفَصَّلُ) بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد وتشديدها. وقرأ ابن عامر (يُفَصَّلُ) بضم الياء وفتح الصاد مع التشديد. انظر: "حجة القراءات" ص ٧٠٦، و"الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٨٥ - ٢٨٦، "النشر" ٢/ ٣٨٧، "الإتحاف" ص ٤١٤.


الصفحة التالية
Icon