قوله تعالى: ﴿قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ يعني أن اليهود كذبت محمداً -صلى الله عليه وسلم- وهم (١) يعرفون أنه رسول صادق، وأنهم قد أفسدوا عليهم آخرتهم بتكذيبهم إياه فهم آيسون من أن يكون لهم في الآخرة خير.
قوله تعالى: ﴿كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ أي: كما يئس الكفار الذين ماتوا وصاروا في القبور وتبينوا أن لا حظ لهم في الآخرة.
وهذا قول الكلبي، والمقاتلان، وعكرمة، وعطاء، عن ابن عباس. قالوا: يعني الكفار الذين ماتوا فيئسوا من الجنة، ومن أن يكون لهم في الآخرة خير (٢).
وقال الحسن: يعني الكفار الأحياء يئسوا من الأموات (٣).
قال أبو إسحاق: يقول يئس اليهود الذين عاندوا النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن يكون لهم في الآخرة حظ، كما يئس الكفار الذين لا يوقنون بالغيب من موتاهم أن يبعثوا (٤).
(٢) أخرجه ابن جرير، عن مجاهد، والكلبي، وابن زيد، وعكرمة، ومنصور، وأخرجه ابن المنذر عن سعيد بن جبير، وأخرجه سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة. انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة، عن مجاهد، وعكرمة، وأخرجه عبد الرزاق عن الكلبي. وهو قول مقاتل. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٨٩، و"تفسير مقاتل" ١٥٣ أ، و"جامع البيان" ٢٨/ ٥٤، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١١٣ أ.
(٣) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٣٦، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣٠٩.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٦١.