في قوله: ﴿مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ حذف الياء من اللفظ لالتقاء الساكنين (١): الياء من ﴿بَعْدِي﴾ والسين من ﴿اسْمُهُ﴾ وهمزة الوصل تسقط في الإدراج، وهذا قول المبرد، وأبي علي (٢).
قال المبرد: لا معنى لاختيار أبي عبيد الفتح، إذا كان بعد الياء ألف وصل مفتوحًا نحو ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: ٨٣] و ﴿أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ﴾ [الملك: ٢٨]، وترك الفتح إذا كان ألف الوصل مكسورًا نحو ﴿بَعْدِي اسْمُهُ﴾ والأصل والاختيار ما ذكرنا، وهذا لا معنى له. قال أبو عبيد: إنك إذا ابتدأت بقولك: (الله)، (الضر). كان بالفتح وإذا ابتدأت بقولك اسمه كان بالكسر، فلهذا آثرنا الإرسال هاهنا. وهذا لا يوجب ما ذكر من الاختيار.
قوله تعالى: ﴿أَحْمَدُ﴾ يحتمل معنيين:
أحدهما: أن يجعله مبالغة من الفاعل، فيكون معناه: إنه أكثر حمدًا لله من غيره.
وثانيهما: أنه يحمد بما فيه (٣) من الأخلاق والمحاسن أكثر مما يحمده غيره (٤). وعلى هذا دل كلام الكلبي فإنه قال: أحمد الذي لا يذم (٥)، وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين، وأحمد معروف في أسماء نبينا

(١) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر، وأبو جعفر، ويعقوب (من بَعْدِيَ اسْمُهُ أَحْمَدُ) بفتح الياء من (بعدي). وقرأ عاصم في رواية حفص، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف (من بعدِيْ اسمُهُ أحمدُ) بتسكين الياء. انظر: "النشر" ٢/ ٣٨٧، و"الإتحاف" ص ٤١٥.
(٢) في (ك): (تقسط). انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٨٨.
(٣) (غيره. وثانيهما أنه يحمد بما فيه) ساقطة من (ك).
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٥، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣١٣.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ٦٢، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١١٥ ب.


الصفحة التالية
Icon