وقال الفراء: جزم ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾ بهل، وتأويل ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ﴾ أمر كقولك: هل أنت ساكت، معناه: اسكت (١).
قال أبو إسحاق: وهذا غلط بين، ليس إذا دلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما ينفعهم غفر الله لهم، إنما يغفر الله لهم إذا آمنوا وجاهدوا، وهو جواب ﴿تُؤْمِنُونَ﴾ و ﴿وَتُجَاهِدُونَ﴾ (٢) على ما ذكرنا في سورة براءة.
وإدغام الراء في اللام في ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾ وغيره غير جائز عند النحويين لقوة الراء (٣)، والأضعف يدغم في الأقوى لا الأقوى في الأضعف، والدليل على قراءة الراء أنه حرف متكرر، ولذلك غلب المطبق والمستعلي، وهو أنه لا يقال ما في أوله الصاد والضاد والطاء والظاء، نحو صالح، وضابط، وطالب، وظالم، ويُقال نحو ضارب وصارم وطارد مكان الراء. وجاز ذلك لأن الكسر كأنه تكرر في الكلمة، وكذلك لا يمال نحو خالد. ويُقال نحو خارج وحارب لما ذكرنا (٤).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٦٦، وقد وجُه قول الفراء بأن يحمل على المعنى. قال المهروي: وهو أن يكون (تؤمنون) و (تجاهدون) عطف بيان على قوله (هل أدلكم) كأن التجارة لم يدر ما هي فبينت بالإيمان والجهاد، فهي هما في المعنى، فكأنه قال: هل تؤمنون وتجاهدون، قال: فإن لم تقدر هذا التقدير لم يصح. لأنه يصير إن دللتم يغفر لكم، والغفران إنما يجب بالقبول والإيمان لا بالدلالة. انظر: "البحر المحيط" ٨/ ٢٦٣، وبنحوه قال الزمخشري و"الكشاف" ٤/ ٩٤، قال الألوسي: والإنصاف أن تخريج الفراء لا يخلو عن بعد. "روح المعاني" ٢٨/ ٨٩.
(٣) قرأ أبو عمرو (يغفر لكم) بإدغام الراء في اللام. "النشر" ٢/ ١٣، ١٢.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٦٧، ومما قال عن أبي عمرو، وهو إمام =