الكبير، لأنه سفر عن المعنى إذا قرئ، ومثله شبر وأشبار (١). شبه اليهود إذا لم ينتفعوا بما في التوراة وهي دالة على الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بالحمار يحمل كتب العلم ولا يدري ما فيها.
قال ميمون بن مهران: الحمار لا يدري أسفر على ظهره أم زبل.
وقال أهل المعاني: وهذا المثل يلحق من لم يفهم معاني القرآن ولم يعمل به وأعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه، ولهذا قال ميمون بن مهران: يا أهل القرآن: اتبعوا القرآن قبل أن يتبعكم. ثم تلا هذه الآية (٢).
﴿لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ﴾ لم يؤدوا حقها ولم يحملوها حق حملها على ما فسرنا فشبههم والتوراة في أيديهم وهم لا يعملون (٣) بها بالحمار يحمل كتبًا وليس له من ذلك إلا نقل الحمل من غير انتفاع بمعاني ما حمل، كذلك اليهود ليس لهم من كتابهم إلا وبال الحجة عليهم. ثم ذم هذا المثل والمراد به ذمهم فقال قوله تعالي: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ أي: بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا كما قال: ﴿سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ [الأعراف: ١٧٧] أي: مثل القوم الذين، فيكون المضاف محذوفًا، ويكون موضع ﴿الَّذِينَ﴾ رفعًا، ويجوز أن يكون موضع ﴿الَّذِينَ﴾ جرًا والمقصود بالذم محذوف (٤) كما كان محذوفًا من قوله تعالى: ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤] ولم يذكر أيوب لتقدم ذكره،
(٢) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٥.
(٣) في (ك): (يعلمون).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٤٢٨، و"الكشاف" ٤/ ٩٦، و"البحر المحيط" ٨/ ٢٦٧.