المتقدمة (١).
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي: سعى إذا مشى، وسعى إذا غدا، وسعى إذا عمل، وسعى إذا قصد. قال: وقول الله تعالى: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي اقصدوا (٢).
ومعنى ﴿ذِكْرِ اللَّهِ﴾ هاهنا الصلاة المفروضة في قول أكثر المفسرين (٣).
قوله تعالى: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ قال الحسن: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة لم يحل البيع والشراء (٤).
قال أصحابنا: إذا جلس الإمام على المنبر يترك البيع لقوله: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ فمن باع في تلك الساعة فقد خالف الأمر وبيعه منعقد، لأن النهي عن البيع تنزيه لقوله: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فدل ذلك على الترغيب في ترك البيع في ذلك الوقت (٥)، ولا يحتاج إلى ذكر الشراء، لأنه بيع أيضًا، ولأنه

(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٤٥، وقال بعد ذكره للحديث المتقدم: (ولم يفرق بين الجمعة وغيرها، واتفق فقهاء الأمصار على أنه يمشي إلى الجمعة على هينته).
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٩١ (سعى).
(٣) ومراد المؤلف -رحمه الله- أن الذكر يشمل الصلاة والخطبة معًا، إذ خص بعض العلماء الذكر بالصلاة، والأكثرون فسروه بالخطبة فقط فجمع المؤلف بين القولين. انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٦٥، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٢١ ب، و"زاد المسير" ٨/ ٢٦٥، و"المغني" ٣/ ١٧١/ ١٧٥، و"أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٤٦.
(٤) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٨، وهذا هو قول مجاهد، والزهري، وأحمد. انظر: "المغني" ٣/ ١٦٣، و"أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٤٨.
(٥) انظر: "الأم" ١/ ١٧٣، و"زاد المحتاج بشرح المنهاج" ١/ ٣٣٧ - ٣٣٨، و"المجموع" ٤/ ٥٠٠، ويرى مالك أن يفسخ البيع، و"المدونة" ١/ ١٤٣.


الصفحة التالية
Icon