قال أبو إسحاق: وصفهم بتمام الصور وحسن الإبانة، ثم أعلم (١) أنهم في تركهم (٢) التفهم والاستبصار بمنزلة الخشب (٣).
قوله: ﴿مُسَنَّدَةٌ﴾ يقال: أسندت الشيء. أي: أملته فاستند كالخشب يسند إلى الجدار، و ﴿مُسَنَّدَةٌ﴾ للتكثير (٤)، لأنها صفة خشب وهي جمع أشجار (٥)، وصفها بالتسنيد إرادة أنها ليست بأشجار قائمة تنمو وتزيد وتنبت الورق والثمر ويحسن منظرها، بل هي خشب ملقاة بعضها على بعض مسندة إلى حائط، كذلك هم لا يسمعون النداء ولا يقبلون، فشبههم بالخشب في أخس أحوالها ليست بأشجار فتثمر، ولا منحوته عمل منها شيء فينتفع به. وهذا معنى قول الكلبي (٦).
ثم عابهم بالجبن فقال ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ قال المفسرون: من الفرق والجبن لا يسمعون صوتًا إلا ظنوا أن قد أوتوا.
قال مقاتل: إن نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو نشدت ضالة ظنوا أنهم يرادون بذلك مما في قلوبهم من الرعب (٧)، قالوا: وسبب ذلك أنهم على وجل من أن يهتك الله أستارهم ويكشف أسرارهم فهم يتوقعون

(١) في (ك): (أعلمهم).
(٢) في (ك): (ترك).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٧٦.
(٤) انظر: "اللسان" ٢/ ٢١٥ (سند).
(٥) في (ك): (أثمار).
(٦) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ١٥، ولم ينسبه لقائل.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٥/ ب، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٢٨/ أ، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٥، و"البحر المحيط" ٨/ ٢٧٢.


الصفحة التالية
Icon