قوله: ﴿عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ أن تطيعوا وتقبلوا منهم وتدعوا الهجرة.
﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا﴾ قال: إن الرجل من هؤلاء إذا هاجر ورأى الناس قد سبقوه بالهجرة وفقهوا في الدين هم أن يعاقب زوجه وولده الذين ثبطوه عن الهجرة، وإن لحقوا به في دار الهجرة لم ينفق عليهم، ولم يصبهم بخير، فأنزل الله ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١).
قال قتادة: قوله: ﴿إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ﴾ قال: ينهون عن الإسلام ويبطئون عنه وهم من الكفار (٢).
﴿فَاحْذَرُوهُمْ﴾ فظهر أن هذه العداوة إنما هي للكفر والنهي عن الإيمان، وهذا لا يكون بين المؤمنين فأزواجهم (٣) وأولادهم المؤمنون لا يكونون عدوا لكم.
١٥ - وفي هؤلاء الأولاد والأزواج الذين ثبطوا عن الهجرة نزل قوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ قال ابن عباس: أي لا تطيعوهم في معصية الله (٤).
قال مقاتل: ﴿فِتنَة﴾ أي بلاء وشغل عن الآخرة (٥).
وقال أبو إسحاق: أعلم الله أن الأموال والأولاد مما يفتنون به. (٦)

(١) "أسباب النزول" للواحدي ص ٥٠٠، و"سنن الترمذي" ٥/ ٣٩١، وقال: (هذا حديث حسن صحيح)، و"المستدرك" ٢/ ٤٩٠، وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، و"جامع البيان" ٢٨/ ٨٠.
(٢) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٩٥، و"جامع البيان" ٢٨/ ٨١.
(٣) في (ك): (وأزواجهم، ولا يكونون، في هؤلاء)، والتصويب من "التفسير الكبير"، وبه تستقيم العبارة.
(٤) "التفسير الكبير" ٣٠/ ٢٧.
(٥) "تفسير مقاتل" ١٥٨ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٥٤.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج، ٥/ ٢٨٢.


الصفحة التالية
Icon