وقبل عدتهن آخر الطهر، إقبال الحيض الذي هو زمان العدة، قيل: هذا لا يصح؛ لأنه لو كان الأمر على هذا لزم أن يقال: إن من طلق في أول الطهر لا يكون مطلقًا للعدة ولا لقبل العدة؛ لأن الحيض لم يقبل بعد لإقبال الطهر في هذا الوقت، ويستحيل أن يكون الطهر والحيض مقبلين معًا في وقت واحد؛ لأن الشيء إذا كان له إقبال وإدبار وإذا انقضى إقباله ودخل إدباره لا يكون ضده مقبلًا في إدباره إلا بعد إنقضاء آخر إدباره، ولو جاز أن يكون إقبال شيء في إدبار غيره الذي هو ضده لكان الصائم مفطرًا قبل مغيب الشمس، إذ الليل عنده مقبل في إدبار النهار وقبل انقضاء إدبار النهار. وهذا ما لا يقوله أحد، وقوله-صلى الله عليه وسلم-: "إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا.. " (١) يريد إدبار النهار بتمامه، وإقبال الليل بعد تمام إدبار النهار، وليس قوله عَزَّ وَجَلَّ فطلقوهن لقبل عدتهن تحديًا، لئلا يكون الطلاق إلا فيه دون ما بعده من الوقت؛ لأن أول الطهر وآخره كله وقت الطلاق إذ لم يذكر في الكتاب منع الطلاق في شيء منه. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته.. " (٢)، يعني الهلال، والصوم لا يكون بعده إلا بساعات مديدة.
(٢) متفق عليه، رواه البخاري في كتاب: الصوم، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم الهلال فصوموا" ٣/ ٣٤، ومسلم في كتاب: الصوم، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ٢/ ٧٥٩، وأخرجه الترمذي في أبواب الصوم، باب ما جاء: لا تقدموا الشهر بصوم ٣/ ٦٨، والنسائي في كتاب: الصيام، باب: ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث ٢/ ٤٥٩.