الرجال والنساء يأمرهم أن يأتوا المعروف وما هو الأحسن ولا يقصدوا التعاسر والضرر (١).
قال أبو إسحاق: المعروف هاهنا -والله أعلم- أن لا يقصر الرجل في نفقة المرأة التي ترضع ولده إذا كانت هي والدته؛ لأن الوالدة أرأف بولدها من غيرها، ولا تقصر هي في إرضاع ولدها، والقيام بشأنه، فحق على كل واحد منهما أن يأتمر في الولد بمعروف (٢). وذكرنا تفسير الائتمار عند قوله: ﴿يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ (٣) [القصص: ٢٠].
﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ﴾ أي (٤) في الأجرة ولم يتفق بين الوالدة والولد ما يتراضيان به ﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ معناه: فليسترضع له (٥) الوالد غير (٦) والدة الصبي.
ومعنى ﴿تَعَاسَرْتُمْ﴾ لم تتفقوا على أمر.
ثم بين قدر الإنفاق فقال: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ أمر أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات أولادهن على قدر سعتهن ومن
(٢) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٨٦.
(٣) قال: الائتمار: المشاروة، وهو أن يأمر بعضهم بعضًا.
قال شمر: يقول ائتمرت فلانًا في ذلك الأمر إذا شاورته، وائتمر القوم إذا شاوروا ثم الائتمار يكون مرة مع ذوي العقل والرأي من الناس وهو المحمود المسنون ومرة يكون مع النفس والهوى، وهو المذموم.
(٤) في (س): (أي) زيادة.
(٥) (له) ساقطة من (س).
(٦) في (ك): (غيره).