كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على قدر ذلك. وهذا كقوله (١) ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦].
قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ أي: ما أعطاها من الرزق، قال السدي: لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني (٢). وذلك أنه لو كلف الفقير أن يوسع فقد كلفه ما لم يؤته، وإذا كلف الغني ذلك لم يكلفه إلا ما آتاه.
قوله: ﴿سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ أي من بعد ضيق وشدة غنى وسعة ورخاء.
قال أبو إسحاق: كان الغالب على أكثرهم في ذلك الوقت الفقر والفاقة فأعلمهم الله عَزَّ وَجَلَّ أنه سيوسر المسلمون، ففتح عليهم بعد ذلك وجعل يسرًا بعد عسر (٣)، والمؤمنون وإن كانوا في حال ضيقة فهم على رجاء اليسر من الله تعالى.
٨ - قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ الكلام في كأين والاختلاف فيها قد تقدم ذكره في سورة آل عمران (٤).

(١) في (ك): (كله).
(٢) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٩٧، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٤٥٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٨٧.
(٤) عند تفسيره الآية (١٤٦) من سورة آل عمران.
قال أبو الهيثم: كأيّ بمعنى كم، وكم بمعنى الكثرة. والكاف في (كأين) كاف التشبيه دخلت على (أيِّ)، التي هي الاستفهام كما دخلت على (ذا) في (كذا) و (أن في (كأن) ولا معني للتشبيه فيه... وكثر استعمال هذه الكلمة فصارت ككلمة واحدة موضوعة للتكثير، وفي كأين ثلاث لغات: كأين بوزن كعين، وكائن بوزن كاعِن، وكاين بوزن ماين. وانظر: "اللسان" ٣/ ٣٢٣ (كين). =


الصفحة التالية
Icon