على هذا: أنزل عليكم (١) قرآنًا -والذكر هو القرآن- وأرسل رسولاً، وإنزال الذكر يدل على إرسال الرسول؛ لأن الذكر ينزل على الرسول، وهذا الوجه هو قول الكسائي (٢).
١١ - قال أبو إسحاق: ويكون ﴿رَسُولًا﴾ منصوبًا بقول: ﴿ذِكْرًا﴾ ويكون المعنى: قد أنزل إليكم أن ذكر رسولاً يعني به النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال أبو علي: هذا الوجه ﴿رَسُولًا﴾ (٣) معمول المصدر والتقدير أن ذكر رسولاً (٤) لأن يتبعوه فيهتدوا بالاقتداء به، ومثل ذلك من إعمال المصدر قوله: ﴿مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا﴾ [النحل: ٧٣] فشيء مفعول المصدر (٥).
الوجه الثالث: قال أبو إسحاق: ويكون المعنى قد أنزل الله إليكم ذكرًا رسولاً. بدلاً من: ﴿ذِكْرًا﴾ (٦)، قال أبو علي: هذا يكون على تقدير حذف المضاف إلى الذكر، والذكر على هذا القول يحتمل تأويلين:
أحدهما: ذا شرف وصيت (٧) كما قال: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤].

(١) في (س): (إليكم).
(٢) قال أبو حيان: ونحا إلى هذا السدي، واختاره ابن عطيه. انظر: "البحر المحيط" ٨/ ٢٨٦.
(٣) في (س): (رسولاً) زيادة.
(٤) في (ك): (يكون رسول).
(٥) في (س): (المصدر) زيادة.
(٦) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٨٨.
(٧) في (ك): (وصلب).


الصفحة التالية
Icon