الآثام، فكذلك يكون المراد بالمضاف الكثرة، وإذا كان كذلك فالإفراد فيه يفيد ما يفيد الجمع.
فإن قيل: فهلا أُفْردا في النساء كما أفردا في هذه السورة؟ قيل: إذا أتيا به على قياس ما جاء في التنزيل في غير هذا الموضع لم يكن لقائل مقال، ألا ترى أنه قد جاء ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ﴾ [النساء: ٩٢] وقال: ﴿وَهُمْ لَكُمْ عَدُو﴾ [الكهف: ٥٠]، فأفرد، وجمع في قوله: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ﴾ [فصلت: ١٩]، و ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً﴾ [الممتحنة: ٢] فلم صنع من إفراد ذلك جمعه في المواضع التي جمع فيها (١)، كذلك الإفراد هاهنا لا يمنع الجمع في سورة النساء، وأما من جمع فقال: ﴿كَبَائِرَ الْإِثْمِ﴾ فلأنه في المعنى جمعٌ، والإثم يراد به الكثرة إلا أنه أفرد كما تفرد المصادر وغيرها من الأسماء التي يراد بها الكثرة والأجناس (٢).
قوله تعالى: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ اختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: أن اللمم صغار الذنوب، مثل النظرة والغمزة والقبلة.
قال عطاء، عن ابن عباس: إلا ما كان دون الزنا (٣). وقال الكلبي عنه: اللمم النظرة عن غير تعمد، فإن أعاد النظر فليس بلمم وهو ذنب (٤).
(٢) من قوله: "وفعيل قد جاء يعني به الكثرة.. " إلى هنا من كلام أبي علي.
انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢٣٥ - ٢٣٧.
(٣) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٠١، و "معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٢.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٠٠، و"تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٤٨، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٤ ب، و"معالم النزيل" ٤/ ٢٥٣، عن الحسين بن الفضل.