٣٨ - ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ وأَنْ على هذا القول في محل النصب بقوله: (وفي) (١).
وقال آخرون: معنى: (وفي) أكمل ما يجب لله تعالى عليه بالطاعة في كل ما أمر وامتحن به من ذبح الولد والإلقاء في النار والكلمات التي ابتلي بها في قوله: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ [البقرة: ١٢٤] الآية، والاختتان، ومناسك الحج التي أمر بها، وفاها كلها وأتمها بالطاعة والصبر، فأثنى الله تعالى عليه لقيامه بجميع ذلك بقوله: (وفي)، وهذا قول جماعة من المفسرين (٢)، وهو اختيار أبي إسحاق، وعلى هذا موضع أَنْ في قوله: ﴿أَلَّا تَزِرُ﴾ خفض على البدل من قوله: ﴿بِمَا في صُحُفِ﴾، والمعنى: ألم ينبأ بأن لا تزر، وقال: يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو، كأنه لما قيل: بما في صحف موسى، قيل: ما هو؟ فقيل: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ ومعناه: أن لا تؤخذ نفس بإثم غيرها (٣).
قال عكرمة عن ابن عباس: لا يؤخذ الرجل بذنب غيره (٤)، وفي هذا إبطال لقول من قال للوليد بن المغيرة: أعطني شيئًا وأحمل عنك ذنوبك. أخبر الله تعالى أنه لا يؤخذ أحد بجناية غيره، وأن هذا مما أنزل على
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٠١.
(٣) انظر: "جامع البيان" ٢٤/ ٤٣ عن ابن عباس، وإبراهيم النخعي والقرظي، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٥ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٤، و"الدر" ٦/ ١٢٩.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧٥، و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٢٧٣، و"مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٦٩٤.