إبراهيم وموسى (١).
وذكره (٢) المفسرون (٣) فقالوا: كان من لدن نوح إلى زمان إبراهيم يؤخذ الرجل بذنب أخيه وابنه حتى بلّغهم إبراهيم ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، وهذا عام في الدنيا والآخرة، وقد أخبر الله تعالى بذلك (٤)، وذكره رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن من دعا إلى ضلالة كان عليه مثل أوزار من اتبعه، وذلك في قوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ﴾ [النحل: ٢٥].
قوله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت: ١٣] وهذا في رؤساء الكفر والضلالة يزاد لهم الوزر بسبب إضلالهم، فأما أن تحمل نفس ذنب أخرى حتى يصير المحمول منها كأنها لم تأت بذنب، فليس ذلك في شريعة.
٣٩ - قوله: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ عطف على قوله: ﴿أَلَّا تَزِرُ﴾ وهذا أيضًا مما في صحف إبراهيم وموسى، والمعنى: ليس للإنسان في الآخرة إلا ما عمل في الدنيا، قاله مقاتل (٥).
قال أبو إسحاق: معناه: ليس له إلا جزاء سعيه، إن عمل خيرًا أُجزي

(١) انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ٤٢، و"الدر" ٦/ ١٢٩.
(٢) في (ك): (وذكر).
(٣) وهو المروي عن ابن عباس، وعمرو بن أوس، والنخعي. انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ٤٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٤.
(٤) (بذلك) ساقطة من (ك).
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣١ ب.


الصفحة التالية
Icon