٤٣ - قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ أكثر المفسرين على أن هذا عام في كل ضحك وبكاء، يدل عليه ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- على قوم يضحكون فقال: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلاً" فنزل عليه جبريل فقال: إن الله -عز وجل- يقول: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ فرجع إليهم، فقال: "إن الله هو أضحك وأبكى" (١).
وهذا يدل على أن كل ما يعمله الإنسان بقضائه وإرادته وخلقه حتى الضحك والبكاء، وكذلك ما روي عن جبار الطائي (٢) قال: شهدت جنازة أم مصعب (٣) وفيها ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وابن عباس يقاد على أتان له، فمرا وفي الجنازة صوارخَ فقلت: يا أبا عباس: تفعل هذا؟ قال: دعنا منك يا جبار فإن الله هو أضحك وأبكى (٤).
ومن المفسرين من خصَّ؛ وهو قول الكلبي. قال: أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار (٥)، ومنهم من حمل الضحك والبكاء على المجاز، وهو قول عطاء بن أبي مسلم قال: معناه أفرح وأحزن؛ لأن الضحك يجلبه
(٢) جبار بن القاسم الطائي، روى عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق، ضعفه الأزدي وذكره ابن حبان في "الثقات" بروايته عن ابن عباس. انظر: "لسان الميزان" ٢/ ١٢٠.
(٣) هي الرباب بنت أنيف الكلبية انظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ١٨٢، و"سير أعلام النبلاء" ٤/ ١٤١.
(٤) لم أجده.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٠١، و"جامع البيان" ٢٧/ ٤٤، و"البغوي" ٤/ ٢٥٥.