قال الفراء: وتأنيث كاشفة كقولك له: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ (١) يريد من بقاء. والعافية والعاقبة، كل هذا في معنى المصدر (٢).
٥٩ - قوله تعالى: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾ قال جماعة المفسرين: يعني: القرآن.
قال أبو إسحاق: أي مما يتلى عليكم من كتاب الله تعجبون (٣).
قال مقاتل: تعجبون تكذيبًا به (٤)، والمعنى: تعجبون من إنزاله على محمد -صلى الله عليه وسلم- فتكذبون به كما قال: ﴿بَلْ عَجِبُوا...﴾ الآية [ق: ٢].
وقال أهل المعاني: يجوز أن يكون معنى الحديث هاهنا ما ذكر من حديث القيامة (٥)، والكفار كانوا يكذبون بها ويعجبون من وقوعها، أي: وقعت عندهم يدل على هذا قوله:
٦٠ - ﴿وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ﴾ أي: تستهزئون ولا تبكون خوفًا منها. وعلى قول المفسرين: ولا تبكون مما فيه من الوعيد.
روى أبو الخليل (٦) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما رئي ضاحكًا إلا تبسمًا بعد نزول هذه الآية (٧).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٠٣.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧٨.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٢ ب.
(٥) انظر: "التفسير الكبير" ٢٩/ ٢٧.
(٦) هو صالح بن أبي مريم الضبي، أبو الخليل، وثقه ابن معين، والنسائي، وأغرب أبو عبد الله بن عد البر فقال: لا يحتج به. انظر: "تقريب التهذيب" ١/ ٣٦٣، و"سير أعلام النبلاء" ٤/ ٤٧٩، و"طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٣٧، و"تهذيب التهذيب" ٤/ ٢٠٤.
(٧) رواه الإمام أحمد في "الزهد"، وابن أبي شيبة في "المصنف" ١٣/ ٢٣٤، =