﴿عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢)﴾ (١)، وفي هذا إشارة إلى أنهم لما بلوا بذهاب ما لهم تذكروا فرجعوا إلى الله تعالى بالرغبة. وهو وعظ لأهل مكة بالتذكير والرجوع إلى الله تعالى. فلما بلاهم بالجدب حين دعا عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر (٢)، واجعلها سنين كسنى يوسف" (٣).
وقال عطاء عن ابن عباس: هذا مثل لأهل مكة حين خرجوا إلى بدر وحلفوا ليقتلن محمدًا وأصحابه وليرجعن إلى مكة حتى يطوفوا بالبيت ويشربوا الخمر ويضرب القيان على رؤوسهم، فأخلف الله ظنهم، وقطع رجاهم فقتلوا وأسروا وانهزموا (٤) كأهل هذه الجنة لما انطلقوا إليها عازمين على الصرام وإحراز المال دون المساكين فلما انتهوا إليها وجدوها سوداء محترقة، فخاب ظنهم وأخلف رجاؤهم، فذلك قوله: ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾

(١) أخرجه الثعلبي وغيره عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.
انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٩/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٨١، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ٢١.
(٢) (ك): (أهل مضر).
(٣) متفق عليه. أخرجه البخاري في مواضع من "صحيحه"، كتاب: الجهاد، باب: الدعاء على المشركين ٤/ ٥٢، وكتاب: التفسير، سورة النساء ٦/ ٦١، ومسلم في كتاب: المساجد، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة ١/ ٤٦٦، وأحمد في "المسند" ٩/ ٢٣٩.
ولفظ البخاري. "اللهم أنج سلمة بن هشام، الله أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم سنين كسني يوسف".
(٤) (س): (وانهزموا) زيادة.


الصفحة التالية
Icon