واختار أبو إسحاق هذا القول، فقال: (الذي يدل عليه معنى الآية أنهم أهلكوا بالرجفة الطاغية، كما قال: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾) (١) يعني: أنه لما ذكر ما أهلك به عاد، وهو الريح، كذلك "الطاغية" وجب أن تكون اسماً لما أهلك به ثمود. وتفسير الريح الصرصر قد سبق في موضعين (٢).
قوله: ﴿عَاتِيَةٍ﴾ قال الكلبي: عَاتية (٣): عتت على خُزَّانها يومئذ فلم يحفظوا كم خرج منها، ولم يخرج قبل ذلك ولا بعده منها شيء إلا بقدر معلوم (٤).
وروي هذا مرفوعاً: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "طغى الماء على خزانها يوم نوح، وعتت الريح على خَزَّانها يَوم عَاد، فلم يكن لهم عليها سبيل" (٥).

= غت الصيحة على ثمود، والريح على قوم عاد. "تهذيب اللغة" ٨/ ١٦٧ مادة (طغا)، و"لسان العرب" ١٥/ ٧ مادة (طغى). وفي "الصحاح" للجوهري ٦/ ٢٤١٢ طغَا يطغى، ويَطْغُو طُغيانًا، أي: جاوز الحد، وكلُّ مجاز حده في العصيان فهو طاغٍ.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٣ - ٢١٤، بنصه.
(٢) في سورة فصلت ١٦، وسورة القمر ١٩. ومما جاء في تفسير "الصرصر" أي باردة، وقيل: شديدة، وقيل: الصرصر الشديدة الصوت، وأكثر التفاسير: الشديدة البرد. وقيل: هي الباردة تحرق كما تحرق النار.
(٣) في (ع): غالبة.
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ١٨٦، و"التفسير الكبير" ٣/ ١٠٣. وهذا القول من الكلبي في الأمور التي ليست من قبيل الاجتهاد والفهم، وإنما هي من الأمور الغيبية التي تبنى على الأحاديث "الصحيحة" ولم أجد ما يعضده من صحيح القول، والكلبي معروف بالكذب. والله أعلم.
(٥) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٢٩/ ٥٠ من طريق شهر بن حوشب، عن ابن =


الصفحة التالية
Icon