[الرحمن: ٢٤]، وقد مر (١).
قوله: ﴿لِنَجْعَلَهَا﴾ قال الفراء: النجعل السفينة لكم تذكرة وعظة) (٢)، وليس هذا بالوجه، والوجه ما قال أبو إسحاق: لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم نوح، ونجاة من آمن معه تذكرة لكم (٣)، أي عبرة وموعظة.
ويدل على صحة هذا الوجه قوله: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾.
قال ابن عباس: تحفظها، وتسمعها أذن حَافظةٌ لما جاء من عند الله (٤). والسفينة لا توصف بهذا.
(ويقال لكل شيء حفظته في نفسك: قدْ وَعَيْتُهُ، ووعيت العِلمَ، وَوَعَيْتُ ما قلت، ويقال لكل ما حفظته في غير نفسك: أوْعَيْتُهُ، يقال: أوعيت المتاعَ في الوعاء (٥).

(١) قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ﴾ يعني السفن، واحدتها جارية، كقوله: ﴿حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ١٨١ بنصه.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥، نقله عنه الواحدي بتصرف.
(٤) "جامع البيان" ٢٩/ ٥٥ بمعناه. قال: حافظف وانظر: "النكت" ٦/ ٨٠. وقال أيضًا سامعة، وذلك الإعلان.
وعن قتادة بنحوه، قال أذن عقلت عن الله فانتفعت بما سمعت من كتاب الله. المرجع نفسه. وعن الضحاك أيضًا بمعناه، وعن ابن زيد. انظر المرجع نفسه. قال ابن عاشور: والوعي: العلم بالمسموعات، أي ولتعلم خبرها أذن موصوفة بالوعي، أي من شأنها أن تعي. وهذا تعريض بالمشركين إذ لم يتعظوا بخبر الطوفان، والسفينة التي نجا بها المؤمنون، فتلقوه كما يتلقون القصص الفكاهية. "تفسير التحرير والتنوير" ٢٩/ ١٢٣.
(٥) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢١٥ - ٢١٦ نقله الواحدي عن الزجاج بتصرف. وراجع مادة: (وعى) في "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٥٩ - ٣٦٠، و"معجم مقاييس اللغة" ٦/ ١٢٤، و"لسان العرب" ١٥/ ٣٩٦


الصفحة التالية
Icon