يتظاهران معكما، فإنهما وليا رسول الله (١).
قوله تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ قال مقاتل: بعد الله وجبريل وصالح المؤمنين: ﴿ظَهِيرٌ﴾ قال يعني: أعوان النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢).
قال أبو عبيدة، والفراء، والزجاج: وظهير في معنى ظهراء، وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع (٣) كقوله: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩]، وقد ذكرنا هذا في مواضع. قال الفراء: والملائكة بعد نصرة هؤلاء ظهير (٤). قال أبو علي: وقد جاء فعيل مفردًا يراد به الكثرة، كقوله: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١٠ - ١١]، فدل عود الذكر

(١) قال الآلوسي: (... وهما وزيراه وظهيراه في تدبير أمور الرسالة وتمشية أحكامها الظاهرة مع أن بيان مظاهرتهما له عليه السلام أشد تأثيرًا في قلوب بنتيهما وتوهينًا لأمرهما). انظر: "روح المعاني" ٢٨٧/ ١٥٤.
قلت: وممن قال بعموم اللفظ ابن جرير والنحاس وغيرهما.
انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ١٠٨، و"روح المعاني" ٢٨/ ١٥٤.
وقال النحاس: فمن أصح ما قيل فيه أنه لكل صالح من المؤمنين، ولا يخص به واحد إلا بتوقيف. "إعراب القرآن" ٣/ ٤٦٢، وفي "تنوير المقباس" ٦/ ٩٨ قال: (جملة المؤمنين المخلصين أعوان له عليكما مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- ومن دونهم...).
وعلى هذا فحمل الآية على عمومها أولى وآكد والصديق والفاروق أولى الناس بنصرة النبي وموالاته، ولو فرض -وهو محال- أنهما نصرا ابنتيهما فبقية المؤمنين في نصرة النبي ومؤازرته -صلى الله عليه وسلم-. وهذا أبلغ في حق عائشة وحفصة -رضي الله عنهما-.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٠ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٦.
(٣) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٦١، و"معاني القرآن" ٣/ ١٦٧، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٩٣.
(٤) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٦٧.


الصفحة التالية
Icon