مجموعًا إلى القبيلين على أنه أريد بهما الكثرة (١).
٥ - ثم خوف نساءه بقوله: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ﴾ الآية. قال الضحاك: كل عسى في القرآن فهو واجب. والمفسرون يقولون: عسى من الله واجب (٢). والمعنى: واجب من الله إن طلقكن رسوله أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن، والله تعالى كان عالمًا أنه لا يطلقهن، ولكن أخبر عن قدرته أنه إن طلقهن أبدل خيرًا منهن؛ تخويفًا لهن؛ وهذا كقوله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨]، والأكثر في قوله: ﴿طَلَّقَكُنَّ﴾ الإظهار، وروي عن أبي عمرو الإدغام (٣).
ولإدغام القاف في الكاف حسن، لأنهما من حروف الفم، وأصل الإدغام أن يكون فيما دون حرف الطرفين الحلق والشفة، فإن ترك الإدغام فيهما حسن، لأنهما من أول مخارج الحرف فأشبها حرف الحلق لقربهما منها كما أن الخاء والغين لما كانتا من أول مخارج الحلق وأقربهما إلى الفم أجريا مجرى حروف الفم في أن لم تبين النون معهما في بعض اللغات. وهو رواية أبي نشيط (٤) عن قالون، وقراءة أبي جعفر، وكذلك

(١) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٤٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ١٩٢.
(٢) انظر: "جامع البيان" ٥/ ١١٧، و"المحرر الوجيز" ٢/ ١٥٩، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٨٥، و"اللسان" ٢/ ٧٨١ (عسى).
(٣) انظر: "النشر" ١/ ٢٨٦، و"الإتحاف" ٢٢ - ٢٣.
(٤) هو محمد بن هارون، مقرئ جليل ضابط مشهور. قال ابن أبي حاتم: صدوق، سمعت مه مع أبي ببغداد، قلت: وسمع منه أبوه -وأثنى عليه- ومحمد بن مؤمل الناقد وجماعة. وكان ثقةً. توفي سنة ٢٥٨ هـ ووهم من قال غير ذلك. انظر: "غاية النهاية" ٢/ ٢٧٢، و"سير النبلاء" ١٢/ ٣٢٤، و"تاريخ بغداد" ٣/ ٣٥٢، و"تهذيب التهذيب" ٩/ ٤٩٣.


الصفحة التالية
Icon