يقول الله تعالى: ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي﴾ بهذه الأشياء ﴿ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾ ذلك الفداء. ﴿كَلَّا﴾ لا ينجيه ذلك، ولو افتدى به كله. ثم استأنف فقال: ﴿إِنَّهَا لَظَى﴾ (ولظى من أسماء النار نعوذ بالله منها، وهي معرفة لا تنصرف؛ فلذلك لا تنون. وقال الليث: اللظى: اللهب الخالص (١)، ويقال: لَظيت النارُ، تلظى لظًى (٢)، وتلظت (٣) تلظياً، ومنه قوله تعالى: ﴿نَارًا تَلَظَّى﴾ [الليل: ١٤]) (٤).
وقوله: ﴿نَزَّاعَةً﴾ مرفوعة (٥) على وجوه:
أحدها: أن تجعل (الهاء) في (إنها) عماداً (٦)، وتجعل (لظى) اسم (إن)، و (نزاعة (٧)) خبر (إن)، كأنه قيل: إن لظى نزاعة.
والآخر: أن تجعل (٨) (الهاء) ضميراً للقصة، وهو الذي يسميه الكوفيون: المجهول، وتكون "لظى"، و (نزاعة) خبراً لـ (إن)، كما تقول:

(١) تهذيب اللغة: ١٤/ ٣٩٥، (لظى)، وانظر: "لسان العرب" ١٥/ ٢٤٨، (لظى).
(٢) في (ع): لظًا.
(٣) في (أ): تلظيت.
(٤) ما بين القوسين نقله الواحدي عن الأزهري في "تهذيب اللغة" بتصرف يسير.
(٥) قرأ بالرفع في: ﴿نَزَّاعَةً﴾ عامة القراء: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وجعفر، ويعقوب، وخلف. انظر: "الحجة" ٦/ ٣١٩، و"المبسوط" ٣٨١، و"التبصرة" لمكي ٧٠٨، و"إتحاف فضلاء البشر" ٤٢٤.
(٦) أي: ضميرًا منفصلًا، ولفظ "العماد" من اصطلاحات الكوفيين، وسموه بذلك لأنه يعتمد عليه في الفائدة، إذ به يتبين أن الثاني خبر لا تابع، وبعض الكوفيين يسميه: دعامة؛ لأنه يدعم به الكلام، أي: يُقَوَّى ويُؤَكَّدُ. انظر: "نحو القراء الكوفيين" ٣٤١.
(٧) بياض في: (ع).
(٨) في (أ): يجعل.


الصفحة التالية
Icon