سورة المؤمنين إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣)﴾ [المعارج: ٣٣].
(وقرئ ﴿بشهادتهم﴾ (١)، والإفراد أولى (٢)؛ لأنه مصدر، فيفرد كما

= قال الليث: الفرج اسم يجمع سوءات الرجال والنساء، فالقبلان هما وما حولهما كله فرج، وكذلك من الدواب. وفي اللغة: الفرجة بين الشيئين، ولهذا سمي ما بين قوائم الدابة الفروج. ومعنى الآية: قال الكلبي: يعفّون عما لا يحل لهم.
وقال الزجاج: يحفظون فروجهم عن المعاصي. قوله ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾، أي: إلا من أزواجهم، فـ"على" بمعنى "من". وقال مقاتل: يعني: حلائلهم والولائد، فإنهم لا يلامون على الحلال. وقال أهل المعاني: هذه الآية مخصوصة بالحالة التي تصح فيها، وعلى الزوجة والأمة، وهي أن لا تكون حائضًا، ولا مظاهرًا عنها، فلا تكون الأمة مزوجة، ولا في عدة زوج. قوله ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)﴾، أي: فمن ابتغى الفواحش بعد الأزواج والولائد. وقوله: ﴿فَأُولَئِكَ﴾ يعني المبتغين. ﴿هُمُ الْعَادُونَ﴾، أي: الجائرون الظالمون.
قولى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)﴾ فيه قولان: أحدهما: أنها أمانات الناس التي ائتمنوا عليها.
والثاني: أنها أمانات بين الله وبين عبده مما لا يطلع عليه إلا الله، كالوضوء، والغسل من الجنابة، والصيام وغير ذلك. وقرأ ابن كثير [لأمانتهم] واحدة. والأمانة تختلف، ولها ضروب نحو: الأمانة التي بين الله وبين عبده.
والأمانة التي بين العباد في حقوقهم. ومعنى ﴿رَاعُونَ﴾ حافظون. وأصل الرعي في اللغة: القيام على إصلاح ما يتولاه من كل شيء. قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٣٤)﴾. قال إبراهيم: عن الصلوات المكتوبة. وقوله ﴿يُحَافِظُونَ﴾ قال ابن عباس، وأكثر المفسرين: على مواقيتها.
(١) قرأ ﴿بشهادتهم﴾ جماعة، روى عباس عن أبي عمرو، والحلواني عن أبي معمر، وعبد الوارث عن أبي عمرو، وحفص عن عاصم أيضا جماعة. انظر: كتاب السبعة: ٦٥١، الحجة: ٦/ ٣٢٢؛ المبسوط: ٣٨١؛ حجة القراءات: ٧٢٤؛ النشر: ٢/ ٣٩١، و"البدور الزاهرة" ٣٢٦.
(٢) بياض في (ع)، وقد قرأ بذلك -أي بالإفراد-: ابن كثير، ونافع، وعاصم في رواية أبي بكر، وأبو عمرو، وحمزة والكسائي. انظر: المراجع السابقة.


الصفحة التالية
Icon