﴿فبَمَا رَحْمَةٍ﴾ (١)، والمعنى: من خطيئاتهم، أي من أجلها وسببها، وهو معنى قول ابن عباس (٢)، ومقاتل (٣)، يعني: فبخطيئاتهم.
وقرئ: (خطاياهم) (٤)، وكلاهما جمع خطيئة؛ أحدهما (٥) على التكثير، والآخر جمع الصحيح.
وقد تقدم الكلام فيها عند قوله: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ﴾ (٦)، وفي

(١) سورة آل عمران: ١٥٩: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ في الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)﴾.
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٠/ ب، قال: يعني فخطيئاتهم.
(٤) قرأ أبو عمر وحده: "مِمَّا خَطَاياهُم" بفتح الطاء، والياء، وألف بعدها من غير همز، وقرأ الباقون: "خطيئاتهم" بكسر الطاء، وياء ساكنة بعدها، وبعد الياء همزة مفتوحة، وألف وتاء مكسورة. انظر: كتاب السبعة: ٦٥٣، القراءات وعلل النحويين فيها: ٢/ ٧١٦، و"الحجة": ٦/ ٣٢٨، و"الكشف" ٢/ ٣٣٧، و"حجة القراءات": ٧٢٦ - ٧٢٧، و"النشر": ٢/ ٣٩١، و"البدور الزاهرة" ٣٢٧.
(٥) في (ع): أحدها.
(٦) سورة البقرة: ٥٨، ومما جاء فيها من الكلام: "أن الأصل في "خطايا" كان "خطايو" لأنها جمع خطيئة قد أبدل من هذه الياء همزة، فصارت "خطائي"، وإنما أبدلت هذه الياء همزة لأن هذه الياء إذا وقعت في الجمع صارت همزة، وعلة ذلك لاجتماع همزتين، فقلبت الثانية "ياء" فصارت: "خطائي" ثم قلبت الياء والكسرة إلى الفتحة والألف، فصارت "خطاءا"، فأبدلت الهمزة ياءً لوقوعها بين ألفين، وإنما أُبدلت الهمزة حين وقعت بين ألفين؛ لأن الهمزة مجانسة للألفات، فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد، فأبدلت الهمزة ياء فصارت: "خطايا". نقلاً -باختصار يسير- من تفسير البسيط.


الصفحة التالية
Icon