يصلي من الليل، ويقرأ القرآن، مر به نفر (١) من الجن، فاستمعوا إليه، وإلى قراءته، ودنا (٢) بعضهم من بعض حبًّا للقرآن، حتى كادوا أن يركبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٣)، وآمنوا به ثم رجعوا إلى قومهم، وقالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾، يعني: بليغًا.
وذكرنا سبب إتيان (٤) الجن إياه عند قوله: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ [الأحقاف: ٢٩] الآية (٥).

= هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنًا عجبًا، يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا، وأنزل الله عز وجل على نبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾، وإنما أوحي إليه قول الجن.
كما أوردها ابن جرير في "جامع البيان" ٢٩/ ١٠٢ - ١٠٣، وانظر: "لباب النقول في أسباب النزول" للسيوطي: ٢٢٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١ - ٢، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٥، و"الدر المنثور" ٨/ ٢٩٦ - ٢٩٧، وعزاه إلى أحمد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني ١٢/ ٥٢، رقم (١٢٤٤٩)، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي معًا في الدلائل عن ابن عباس ٢/ ٢٢٥ من طريق أبي عوانة.
(١) غير مقروء في: (ع).
(٢) دنا: يقال: دنا منه، ودنا إليه، يدنو دنوًّا: قرب، فهو دانٍ.
"المصباح المنير" ١/ ٢٣٩، مادة: (دنا)، وانظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ١٣٧.
(٣) قاله ابن عباس. انظر: "الوسيط" ٤/ ٣٦٣.
(٤) في (أ): الإتيان.
(٥) ومما جاء في تفسيرها: "قال المفسرون: لما أيس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قومه -أهل مكة- أن يجيبوه، خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام، فلما انصرف إلى مكة فكان ببطن نخلة، قام يقرأ القرآن في صلاة الفجر، مر به نفر من أشراف حسن نصيبين، كان إبليس بعثهم ليعرف السبب الذي أوجب حراسة السماء بالرجم، =


الصفحة التالية
Icon