قال ابن قتيبة: يقول: كنا نتوهم أن أحدًا لا يقول على الله باطلاً، يريدون أنا كنا نصدقهم، ونحن نظن أن أحدًا لا يكذب على الله، وانقطع هاهنا قول الجن (١).
قال الله جل وعز: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ﴾ (فمن فتح "وأنه" حملها على "أوحي"، ومن كسر جعلها مبتدأة (٢) من الله تعالى) (٣).
قوله تعالى: ﴿يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ قال جماعة المفسرين: كان الرجل في الجاهلية إذا سافر فأمسى في قفر (٤) من الأرض قال: أعوذ بسيد هذا الوادي، أو بعزيز هذا المكان، من شر سفهاء قومه، فيبيت في جوار منهم حتى يصبح (٥).

(١) "تأويل مشكل القرآن" ٤٢٧ بنصه.
(٢) لأن حقّها إذا دخلت على الابتداء أن تكسر؛ لأنها حرف مبتدأ به للتأكيد. قاله مكي. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" ٢/ ٣٤١.
(٣) ما بين القوسين نقلاً عن "الحجة" بتصرف واختصار: ٦/ ٣٣٢.
(٤) القفر في اللغة: المكان الخلاء من الناس. وفي اللسان: الخلاء من الأرض. انظر (قفر) في: "تهذيب اللغة" ٩/ ١٢٠، و"لسان العرب" ٥/ ١١٠. وقال الجوهري: القَفْر: مفازة لا ماء فيها، ولا نبات، والجمع: قفار. "الصحاح" ٢/ ٧٩٧ مادة: (قفر).
(٥) قال بمعنى ذلك: ابن عباس، والحسن، وإبراهيم، ومجاهد، وابن زيد. انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ١٠٨، و"النكت والعيون" ٦/ ١١١، وعزاه إلى ابن زيد فقط. وقال به: ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ٤٢٨، والسمرقندي، والثعلبي، والبغوي، وحكاه ابن عطية عن جمهور المفسرين، وابن الجوزي، والفخر الرازي عن جمهور المفسرين، والخازن.
انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٤، و"بحر العلوم" ٣/ ٤١١، و"الكشف والبيان" ١٢: ١٩٣/ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٢، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٣٨٠، و"زاد المسير" ٨/ ١٠٥، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ١٥٦، و"لباب التأويل" ٤/ ٣١٦.


الصفحة التالية
Icon