القول اختيار (١) ابن قتيبة (٢)، والزجاج (٣)، وصاحب النظم.
قال ابن قتيبة: أي ليبلّغوا رسالات ربهم (العلم) هاهنا، مثله قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٤٢]، أي: ولما تجاهدوا وتصبروا (٤)، فيعلم الله ذلك ظاهراً موجوداً -يجب فيه ثوابكم- على ما بينا في غير هذا الموضع (٥).
وقال أبو إسحاق: وما بعد قوله: (ليعلم) يدل على صحة هذا (٦)، وهو قوله: (أحاط) (٧)، و (أحصى) (٨)، والضمير فيهما لله عَزَّ وَجَلَّ لا

(١) بياض في: (ع).
(٢) "تفسير غريب القرآن" ٤٩٢ وعبارته: "ليعلم محمد أن الرسل قد بلغت عن الله، وأن الله حفظها، ودفع عنها، وأحاط بها".
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٨ وعبارته: (ليعلم الله أن قد أبلغوا رسالاته).
(٤) في (أ): تصابروا.
(٥) إلى قوله على ما بينا في غير هذا الموضع ينتهي قول ابن قتيبة. انظر: "تأويل مشكل القرآن" ٤٣٤، ويعني بغير هذا الموضع أي الموضع الذي بين فيه علم الله تعالى، وأنه نوعان:
أحدهما: علم ما يكون من إيمان المؤمنين وكفر الكافرين، وذنوب العاصين، وطاعات المطيعين قبل أن تكون. قال: وهذا علم لا تجب به حجة، ولا تقع عليه مثوبة ولا عقوبة.
والآخر: علم هذه الأمور ظاهرة موجودة، فيحق القول، ويقع بوقوعها الجزاء، فأراد جل وعز: ما سلطناه عليهم إلا لنعلم إيمان المؤمنين ظاهرًا موجودًا، وكفر الكافرين ظاهرًا موجودًا، وكذلك قوله سبحانه: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ الآية: آل عمران: ١٤٢. "تأويل مشكل القرآن" ٣١١ - ٣١٢.
(٦) بياض في: (ع).
(٧) قوله تعالى: ﴿وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ﴾.
(٨) ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾.


الصفحة التالية