الحال من أن يكون المضاف، أو من المضاف إليه، فإن كان من المضاف إليه، كان القائل فيه "ما في" "إحدى" من معنى التفرد، وإن كان المضاف إليه كان العامل فيه ما في "الكُبر" من معنى الفعل، وفي كلا (١) الوجهين ينبغي أن يكون "نذيرًا" مصدرًا؛ لأن المضاف مؤنث، والمضاف إليه مؤنث مجموع، والمصدر قد يكون حالاً من الجميع، كما يكون حالاً من المفرد تقول: جاء وأركض (٢)، كما تقول: جاء ركضًا (٣).
٣٧ - قوله: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ﴾، "لمن " بدل من قوله: "للبشر" (٤)، وهو كقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ﴾ (٥).
قوله: "أن يتقدم"، أي: في الخير والإيمان.
"أو يتأخر" عنه. والمعنى: قد حصل الإنذار لكل أحد لمن آمن وصدق، ولمن عصى وكفر، وهذا تهديد وإعلام أن من تقدم إلى الطاعة، وإلى ما أمر به جوزي بالثواب، وقد سبق له الوعد بذلك، ومن تأخر عما أمر به عوقب، وقد سبق له الإنذار والوعيد. وهذا معنى قول ابن عباس (٦)،

(١) في النسختين: كلى.
(٢) في (ع): وأركضا.
(٣) لم أعثر على مصدر لقول أبي علي الفارسي. ولقد ذكرت أوجه أخرى كثيرة في قوله: "نذيرًا".
انظر ذلك في: الدر المصون: ٦/ ٤١٩ - ٤٢٠.
(٤) انظر: إعراب القرآن للنحاس: ٥/ ٧٢، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٧٩.
(٥) سورة آل عمران: ٩٧.
(٦) "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٤، وعبارته: من شاء أَتبع طاعة الله، ومن شاء تأخر عنها.


الصفحة التالية
Icon