وقال الفراء: ولا يبتدأ بجحد (١)، ثم يجعله صلة (٢) يراد به الطرح، ولو جاز هذا لما عرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه، ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا البعث، والجنة، والنار، فجاء الإقسام عليهم فالرد في كثير من الكلام المبتدأ منه، وغير المبتدأ، كقولك في الكلام: لا والله لا أفعل ذلك، جعلوا (لا)، وإن رأيتها مبتدأة ردًّا لكلام قد سبق كان مضى، فلو ألقيت (لا) مما ينوى به الجواب لم يكن بين [اليمين التي تكون جوابًا و] (٣) اليمين التي تستأنف فرق، ألا ترى أنك تقول مبتدئًا: والله إن الرسول لحق، فإذا قلت: لا والله إن الرسول لحق، فكأنك أكذبت قومًا أنكروا، فهذا وجه (لا) مع الإقسام في كل موضع ترى فيه (لا) مبتدأ بها، وهو كثير في الكلام (٤) (٥).
ويدل على أن المعنى إثبات القسم قراءة من قرأ: (لأقسم) يجعلها (لامًا) دخلت على: (أقسم) [وهي] (٦) قراءة الحسن (٧).

(١) يراد به النفي، ولفظ الجحد من مصطلحات الكوفيين. "نحو القراء الكوفيين" ٣٤٥.
(٢) حرف زائد.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من النسختين، وما أثبته فمن "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٢٠٧، ولا يستقيم الكلام بدونه.
(٤) نحو ما جاء في سور: الواقعة ٧٥، والقلم: ١٧، والحاقة: ٣٨.
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٢٠٧ بيسير من التصرف.
(٦) في كلا النسختين: هو.
(٧) انظر: "الحجة" ٦/ ٣٤٥، و"المحتسب" ٢/ ٣٤١، و"المبسوط" ٣٨٨، و"حجة القراءات" ٧٣٥، و"الكشف" ٢/ ٣٤٩، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ٢٠٧.
وقراءة: (لأقسم) قراءة سبعية صحيحة قرأ بها ابن كثير بخلف عن البزي، كما قرأ بها قنبل.
انظر المراجع السابقة عدا "المحتسب"، وانظر: كتاب السبعة: ٦٦١، و"البدور =


الصفحة التالية
Icon