وقوله (١): ﴿فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ قال المفسرون: فبعدًا لهم (٢). والسحق: البعد، وفيه لغتان: التخفيف والتثقيل (٣) كما تقول في العُنق والطنب (٤)؛ وذكرنا الكلام فيه عند قوله: ﴿فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: ٣١]. قال أبو إسحاق: (سحقًا) منصوب على المصدر. المعنى: أسحقهم الله سحقًا، أي: باعدهم من رحمته مباعدة (٥).
قال أبو علي: وكان القياس: إسحاقًا، فجاء المصدر على الحذف كقولهم: عمرك الله، وكما قال:
وإن أهلك فذلك كان قدري (٦)
أي: تقديري (٧).
ثم أخبر عن المؤمنين وعما أعد لهم في الآخرة فقال: ﴿وإِنَّ اَلَّذِينَ

(١) في (س): (وقوله) زيادة.
(٢) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٦٥. وقال ابن جبير فيما أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٥٣٩: وادٍ في جهنم.
(٣) قرأ الكسائي {فَسُحْقًا﴾ بضم الحاء، وقرأ الباقون ﴿فَسُحْقًا﴾ بتخفيفها.
انظر: "حجة القراءات" ص ٧١٦، و"النشر" ٢/ ٢١٧، و"الإتحاف" ص ٤٢٠، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٧١.
(٤) تقول العنق والعنق، والطنب والطنب، والطنب هو حبل الخباء والسرادق ونحوهما. "اللسان" ٢/ ٦١٧ (طنب).
(٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٩٩.
(٦) للشاعر يزيد بن سنان: وهو بتمامه:
فإن يبرأ فلم أنفث عليه وإن يهلك فذلك كان قدري
انظر: "أمالي ابن الشجري" ٢/ ١١٠، و"المخصص" ٩/ ٩٢، و"المفضليات" ص ٧١، و"الحجة" ٢/ ١٢٨.
(٧) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٣٠٧.


الصفحة التالية
Icon