يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك: ١٢].
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يخافون عذاب ربهم ولم يروه فيؤمنون به خوفًا من عذابه (١).
١٣ - ثم رجع إلى خطاب الكفار فقال: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ قال مقاتل والكلبي: أسروا قولكم في محمد أو اجهروا له بالعداوة وتكلموا علانية (٢): ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بما في القلوب.
قال ابن عباس: كانوا ينالون من رسول الله فيخبره جبريل، فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كيلا يسمع إله محمد. فأنزل الله هذه الآية (٣).
ثم احتج على ذلك بقوله: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾، والظاهر أن من خلق هو الله تعالى. والمعنى: ألا يعلم ما في الصدور من خلقها وخلق القول. أي خالق الصدور (٤) والأقوال عالم بها وبما فيها؛ وهذا معنى قول مقاتل (٥). وقد حذف مفعول (خَلَقَ) لأن ما قبله من ذكر القول والصدر يدل

(١) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١٠٨، و"تفسير مقاتل" ١٦١ ب.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢١٣.
(٣) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٥٧ أ، و"أسباب النزول" للواحدي ص ٥٠٨، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧١.
قلت: وفي الآية وجه آخر، وهو حملها على العموم، والمراد أن قولكم وعملكم لا يخفى على من يعلم السر وأخفى، فاحذروا من المعاصي. ويدخل في هذا ما يسره المشركون في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا المعنى هو المعتمد عند ابن جرير، وابن كثير. انظر: "جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٥، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٩٧.
(٤) في (س): (من خلقها وخلق القول. أي خالق: الصدور) زيادة.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ ب، ونسبه الثعلبي لأهل المعاني. "الكشف والبيان" ١٢/ ١٥٧ أ، وهذا هو المعتمد عند ابن جرير. انظر: "جامع البيان" ١٢/ ٢٩/ ٥.


الصفحة التالية
Icon