امتناع من عذابه (١) ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُم﴾، وهذا نسق على قوله: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾، ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ﴾، ولفظ الجند يوحد، ولذلك قال (٢) ﴿هَذَا الَّذِي هُوَ﴾ وهو استفهام إنكار. أي: لا جند لكم ﴿يَنْصُرُكُمْ﴾ يمنعكم من عذاب الله. قال ابن عباس ينصركم مني إن أردت عذابكم (٣).
ثم ذكر أن ما هم فيه غرور فقال: ﴿إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾، أي: من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم، ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾، أي: من الذي يرزقكم من آلهتكم المطر إن أمسكه الله عنكم، قاله مقاتل (٤).
ثم قال: ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ أي: ليسوا يعتبرون ولا يتفكرون، لجوا في طغيانهم وتماديهم وتباعدهم عن الإيمان (٥).
ثم ضرب مثلًا فقال: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى﴾ (٦)،
(٢) (س): (قيل).
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١١٠، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢١٨.
(٤) (س): (قاله مقاتل) زيادة وانظر: "تفسير مقاتل" ١٦٢ أ.
قلت: حمل الآية على عموم الرزق من إعطاء ومنع وخلق ورزق ونصر وغير ذلك أولى، وما ذكره مقاتل من باب التمثيل أخذًا من قوله تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢]، والله أعلم.
(٥) لج: اللجاج: التمادي والعناد في تعاطي الفعل. "المفردات" (٤٤٧) (لج).
(٦) (أهدى) ساقطة من (س).