ثم احتج عليهم بقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ قال أبو علي: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ معناه هاهنا انتبهوا؛ كأنه (١) قال: انتبهوا ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ﴾ كقوله: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ [الكهف: ٦٣] ولا يكون جواب الجزاء (٢) الذي هو ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾، ولكن جوابه ما دل عليه ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ الذي (٣) هو بمعنى انتبهوا، كما أن الفاء في قوله: ﴿فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: ٩١] ليس بجواب (إن)، إنما هو جواب (وأما) (٤)، قال عطاء والكلبي عن ابن عباس، ومقاتل: يعني: ماء زمزم (٥).
قوله: ﴿غَوْرًا﴾ أي: ذاهبًا في الأرض؛ يقال: غار الماء يغور غورًا، إذا نضب وذهب في الأرض. والغور هاهنا بمعنى الغائر (٦) سمي بالمصدر. يقال: رجل ضيف وعدل وزور (٧).
وقوله تعالى ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ أي: ظاهر تراه وتناله الدلاء. قاله
(٢) في (ك): (جزاء الجواب).
(٣) في (ك): (الذي الذي).
(٤) انظر: "المسائل الحلبيات" للفارسي ص ٧٨.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١١٣، و"الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٠ أ، و"فتح الباري" ٨/ ٦٦١.
قال الألوسي: وإيًّا ما كان فليس المراد بالماء ماء معينًا، وإن كانت الآية كما روى ابن المنذر والفاكهي عن الكلبي نازلة في بئر زمزم وبئر ميمون الحضرمي. "روح المعاني" ٢٩/ ٢٢.
(٦) في (س): (الغائب).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٧٢؛ و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٠١.