الحفظة من أعمال بني آدم (١).
٢ - قوله تعالى: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ قال أبو إسحاق: ﴿أَنْتَ﴾ هو اسم ﴿مَآ﴾ و ﴿بِمَجْنُونٍ﴾ الخبر، و ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّك﴾ موصولة بمعنى النفي. انتفى عنك الجنون بنعمة ربك كما تقول: أنت بنعمة الله (٢) فَهِمٌ، وما أنت بنعمة الله بجاهل. وتأويله: فارقك الجهل بنعمة ربك (٣). وهذا جواب لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦].
قال مقاتل: وذلك حين قال كفار مكة: إن محمدًا مجنون، فأقسم الله بالحوت وبالقلم وبأعمال بني آدم، فقال: ﴿مَآ أنَتَ﴾ يا محمد ﴿بِنِعْمَتِ رَبِّك﴾، يعني برحمة ربك ﴿بِمَجنُونٍ﴾ (٤)، وقال عطاء عن (٥) ابن عباس: يريد بنعمة ربك عليك بالإيمان والنبوة (٦).
٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ أكثر المفسرين وأهل المعاني يقولون: غير منقوض ولا مقطوع، يقال: منَّهُ السير، أي أضعفه. والمنين: الضعيف، ومنَّ الشيء إذا قطعه (٧)، ومنه قول لبيد (٨):

(١) انظر: "زاد المسير" ٨/ ٣٢٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٢٥، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٠١، وهو منسوب لابن عباس، ومقاتل، والسدي.
(٢) في (ك): (ربك).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٢٠٤.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٢ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٢٥.
(٥) في (س): (عطاء عن) زيادة.
(٦) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٧٩، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ١٥.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٧٣، و"جامع البيان" ٢٩/ ١٢، و"اللسان" ٣/ ٥٣٥ (منن).
(٨) "ديوان لبيد" ص١٧١، و"شرح المعلقات السبع" للزوزني ٨٣، و"الخصائص" ١/ ٢٩٦.


الصفحة التالية
Icon