الآخرة ويعرف بسواد وجهه (١)، وهذا القول اختيار الفراء والزجاج (٢).
قال الفراء: سنسمه سمة أهل النار؛ أي: سنسود وجهه، والخرطوم (٣) وإن كان قد خص بالسمة؛ لأن في مذهب الوجه، لأن بعض الوجه يؤدي عن بعض (٤).
وقال الزجاج: معنى ﴿سَنَسِمُهُ﴾ سنجعل له في الآخرة العلم (٥) الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم، وجائز -والله أعلم- أن ينفرد بسمة؛ لتعاليه في عداوة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيخص من التشويه بما يتبين به من غيره كما كانت عداوته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عداوة يتبين بها من غيره (٦)، فهؤلاء جعلوا هذه السمة على الخرطوم سواد وجهه في الآخرة. وجعل الضحاك هذه السمة كيًّا على وجهه يعرف بها في الآخرة: وهو معنى قول ابن عباس في رواية عطاء (٧). كما توسم الغنم؛ واختاره الكسائي (٨). وهذا قريب من قول أبي إسحاق الثاني. هذا كله قول من قال: إن هذا (٩) الوعيد يلحقه في الآخرة.
وذهب بعضهم إلى أن هذه التسمية لحقته في الدنيا. وهو قول الكلبي

(١) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٧ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧٩.
(٢) في (س): (وهذا القول اختيار الفراء والزجاج) زيادة.
(٣) في (ك): (قبل دخول النار. أي سنسود وجهه. والخرطوم) زيادة، والصواب ما أثبته.
(٤) انظر: "معاني القرآن" ٣/ ١٧٤.
(٥) في (ك)، (س): (علمًا الحلم)، والتصحيح من معاني الزجاج.
(٦) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٢٠٧.
(٧) في (س): (في رواية عطاء) زيادة.
(٨) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٧ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧٩.
(٩) في (س): (هذا) زيادة.


الصفحة التالية
Icon