ونحو هذا قال الفراء (١)، والزجاج (٢) في الحقب: (أنه ثمانون سنة، كل يوم منها مقدار ألف سنة من سني الدنيا.
فإن قيل: الأحقاب وإن طالت، فإنها إلى انتهاء، وقد أخبر الله تعالى أنهم خالدون في النار؟ قيل: ليس في الأحقاب ما يدل على غاية، وإنما يدل على الغاية التوقيت، كقولك: خمسة أحقاب، أو عشرة أحقاب، فالمعنى: أنهم يلبثون فيها أحقاباً، كلما مضى حقب تبعه حقب آخر) (٣).
وهذا معنى قول الحسن: لم يجعل الله لأهل النار مدة؛ بل قال: (أحقاباً)، فوالله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب دخل آخر، كذلك إلى الأبد (٤).
وقال أبو إسحاق: المعنى أنهم يلبثون أحقاباً لا يذوقون في الأحقاب برداً، ولا شراباً، وهم خالدون فيها أبداً، كما قال الله تعالى (٥) (٦).
وعلى هذا: الأحقاب توقيت لنوع من العذاب، وهو [مدمهم] (٧)

(١) "معاني القرآن" ٣/ ٢٢٨ مختصرًا.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٧٣.
(٣) ما بين القوسين: من قول الفراء، وقد ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٧٣، وذكر أيضًا في حاشية "معاني القرآن" ٣/ ٢٢٨، وانظر أيضًا "لسان العرب" ١/ ٣٢٦ (حقب).
(٤) "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٢٨/ أ - ب.
(٥) أي في قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [التوبة: ٦٨]، وقد استشهد الزجاج بهذه الآية على قوله.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٧٣.
(٧) غير مقروءة في (أ)، ولعلها [منهم].


الصفحة التالية
Icon