وروي عن الكسائي التخفيف في هذه الآية (١).
قال الفراء: لأن (كذاباً) في هذه الآية ليس بمقيد بفعل يوجب تشديده، كما في قوله: ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا﴾ [النبأ: ٢٨]، وكذبوا يقيد الكذاب بالمصدر، والتخفيف -هاهنا- حسن، والمعنى: لا يكذب بعضهم بعضاً (٢).
ونحو هذا قال أبو عبيدة (٣) في الكذاب، مخفف أنه مصدر المكاذبة، وأنشد للأعشى:
فصَدَّقْتُها وكَذَّبْتُها والمرء ينفعُه كِذابُهْ (٤)
وهو قول الأخفش، قال: هو مثل قولك: قاتل قِتالاً (٥).

(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد ٦٦٩، "القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٧٤٢، "الحجة" ٦/ ٣٦٩، "المبسوط" ٣٩٣، "حجة القراءات" ٧٤٦، "كتاب التبصرة" ٧١٩. وقرأ الباقون بالتشديد. انظر المراجع السابقة.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٢٢٩ بتصرف.
(٣) في (أ): أبو عبيد، والأظهر أنه أبو عبيدة، وقد ورد قوله في المجاز بنحو مما أورده الواحدي. انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٣.
(٤) لم أعثر عليه في ديوانه، وقد ورد البيت بالإضافة إلى المجاز في "المخصص" ١٤/ ١٢٨، "لسان العرب" ١٠/ ١٩٣ (صدق)، "جامع البيان" ٣٠/ ٢٠، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٣٠/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ١٨٨، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٢٨، "زاد المسير" ٨/ ١٦٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١٧٩، "البحر المحيط" ٨/ ٤١٤، "إعراب القرآن" للنحاس ٥/ ١٣٣، "الكامل" ٢/ ٧٤٧، "الدر المصون" ٦/ ٤٦٦، "شرح المفصل" لابن يعيش ٦/ ٤٤، "روح المعاني" ٣٠/ ١٦، "القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٧٤٣، "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ١٧٤.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٧٢٧، وعبارته: وعلى هذا القياس تقول: قاتل قيتالاً، وهو من كلام العرب.


الصفحة التالية
Icon